منتدى عبدالملك العسيلي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

قصة أعجبتني =خطيئة النملة=

اذهب الى الأسفل

قصة أعجبتني =خطيئة النملة= Empty قصة أعجبتني =خطيئة النملة=

مُساهمة  amir الأحد يونيو 15, 2008 9:12 pm

خطيئة النمل…


بعد أن توفي آدم…مر على أبنائه عام جفاف عصيب…وكاد أن يهلك من في الأرض جميعا…فبعد أن عبدت الأصنام…وحرفت الشريعة…منع المطر من السماء…ومنعت خيرات الأرض… فكان في تلك السنين مولد الصحراء…الذي بدأت تتسع وتتسع حتى كادت أن تغطى سطح المعمورة…
وهناك خلف هيكل بقرة ضخمة…كانت النملة الأم تبحث بكد عن بقايا أوراق الشجر تقتات عليها…فمرت على شجرة ضخمة بشكل مرعب…غير أنها لم يكن فيها إلا ورقة صفراء واحدة في القمة…فتسلقت النملة بعناء هذا الجبل الضخم…وما أن مدت يدها لتقطفها حتى طارت في السماء…نظرت إليها النملة ولم تحزن…فالنمل لا يحزن…النمل يبحث عن رزقه ببرودة …وكأنه يدري أن يومه لن ينتهي حتى يفتكه…لذلك همت للنزول غير أنها لمحت شيء يبرق من بعيد…هناك تحت شجرة صغيرة كانت يوما ما شجرة تفاح…فنزلت كلمح البصر متجهة إليها…وإذا بها شيء ضخم يشبه حجيرة في شكل هلال…فتقدمت إليها وقضمت جزء منها…لقد كان طيب المذاق…فرحت النملة بهذه الغنيمة…ودحرجتها إلى غارها بحذر…
وليس بعيد على غار النمل كان نسل بنو آدم على وشك الانقراض بعد موجة الجفاف…حيث مات الأطفال والعجائز ولم يبقى إلا دوي الأجساد القوية…
أدخلت النملة ذلك الشيء الذهبي إلى أعماق الأرض…وقررت أن تتركه احتياطي يقي نسلها شر الأعوام القادمة ثم خرجت للبحث عن الأوراق من جديد…لتقضي يوما عصيب مليء بالعطش والجوع…فرجعت في الليل الدامس إلى جحرها ليستوقفها شيء غريب…فقد شاهدت شجيرة تخرج من جحرها يعلوها كتلة منسجمة ومصفوفة من حبات كانت تشبه ذلك الشيء الذي وجدته في الصحراء…فصعدت إليها وبنهم بدأت تأكل ثم فكرت في تخزين الكثير منها في باقي جحورها المنتشرة في المنطقة…فقضت كل الليل تدحرج تلك الحبات إلى مخازنها الرطبة العميقة…
في ضحى اليوم الموالي خرج شاب من خيمته…يحمل عصا…وبخطوات هادئة اتجه نحو الأصنام وبدأ يهشمها بعنف…وخلفه كان ظل شخص يملك قرنين وله ذيل طويل يصرخ محاولا منعه…غير أن ذلك الشاب استمر في كسر تلك المجسمات بحماس …فجأة اتجه ذلك الظل بسرعة إلى خيمة الزعيم…وبعد برهة خرج الزعيم يصرخ…صراخ أيقظ الجميع…
- " ما لذي تفعل أيها الأحمق…"
- رد الشاب بثقة " إني أحطم الشياطين…أحطم الشر الذي أغضب الإله…"…
- " بل تحطم وجودنا…تجعلنا فريسة سهلة لانتقام الآلهة…"
- " ليس هناك إلا إله واحد …هو إله أبانا آدم…أما هذه الصخور فلا تنفع ولا تضر ولو كانت كذلك …لما مات أولادنا وشيوخنا وماشيتنا…هي لا تنفع حتى نفسها وإلا لما استعطت تحطيمها…"
بدا الناس يقتنعون بكلام الشاب
- صاح أحدهم : إنه على حق كم عبدنا هذه الأصنام…وكم حرمنا أولادنا من اللحوم وقدمنها لها قربان…لينتهي بها الأمر في بطون الدود…ولم ينلنا شيء من بركاتها…
ثم تقدم وضرب بعصاه صنما جعل من رأسه فتاتا…ولحقه الجميع يحطمون الأصنام ويصيحون " لا إله إلا رب آدم…لا إله إلا رب آدم "…
نادى الزعيم الحراس وبدؤوا يرمونهم بالنبال…حمل الشاب رأس صنم كان لشيطان ورمي به الزعيم فأرداه صريعا…عندئذ توقفت المعركة والتفت الجميع إلى الصريع وإذا بظل أسود ذو قرنين و ذيل يخرج منه وهو يصيح " لن ينالها ذريتك يا آدم وما هي إلا معركة….ثم اختفى تحت صخرة ضخمة ….
صعد الفتى الصخرة وقال…هنا تحت قدمي يختبىء إبليس الذي أبى يوما أن يسجد لأبانا…ها هو اليوم تحت أقدامنا ذليل مهان…ولن أظن أن الثعابين ستتحمل طويلا ضيافته…
والآن يا قومي…لنكفر عن ذنبنا ولنتجه سجدا إلى ربنا…فلعه يغفر لنا خطيئتنا…"
كانت الشمس تتأهب للشروق لتطفئ مصباح الضحى…وما أن رفع القوم رؤوسهم من السجود حتى شاهدوا حقلا واسعا من سنابل ذهبية…عندها فقط أدركوا أنه قد غفر لهم…
وبينما هم يحصدون الغلة تقدم شيخ طاعن في السن وقال " أريتم تلك السنبلة الضخمة التي تتوسط الحقل…لا يجب أن تقطع فهي سنبلة الغفران…فتقدم الجميع…فإذا بنملة تنام في أعلى السنبلة يظهر عليها ملامح التعب والمشقة…عندما استيقظت النملة فرت فزعة إلى داخل السنبلة وهي تلهث…وإذا بها ترى في الداخل شيء عجيب…كأنه منزل ضخم فيه حوض ماء ذهبي اللون والكثير من الحبات المفتتة على مقاس فمها…أكلت النملة وشربت حتى ارتوت…
فجأة تحول لونها إلى الذهبي…وبقيت على تلك الحال…تأكل وتشرب داخل السنبلة الضخمة…ولا تعمل إلا يوما في العام…تخزن فيه الحبات في جحورها القديمة…وهكذا توفيت النملة وأوصت بنيها بإتمام العمل…ليستمر عملها جيل بعد جيل…
كان مملكة البشر قد اتسعت…وبعد أن توفي الجيل الصالح…خلفه جيل قوي نقش من الجبال الصلبه قصورا ……وأله الحكام…وجعل لهم أصنام أصبحت تعبد في كامل المعمورة…وبدأت الحروب بين بني البشر بعد أن اكتشفت حدة الحديد…
في الوقت الذي أعقب أجيال النملة الأولى…جيل رفض أن يقوم بمهمة وضع الحبات في الجحور… نطقت الملكة " نحن ملوك ونعيش على هذه السنبلة مند قرون…فمن المذلة أن ننزل من مملكتنا ونحمل هذه الأشياء الضخمة على أكتافنا وندخل التراب لنلوث ضياء لوننا الذهبي…لذلك أنا أعلن رسمي عن إلغاء هذه العادة من عرفنا…" …
- تقدم شيخ النمل " ولكن سيدتي…هذا ليس عرفا …إنما هو عربون شكرنا لنعمة الله…فنحن لا نعمل طوال العام…ونجد قوتنا…ونعيش هذا القصر الضخم الذي يزداد حجمه كلما إزاداد عددنا…فلا ضير من يوم نكد فيه حتى نتذكر هذه النعمة…وأظن أنه في هذا اليوم حكمة أردتها عناية الله…" - --غضبت الملكة وصرخت فيه " الله؟ ! ! ! !…الله؟ ! ! ! !…كفاك هذيان أيها الشيخ…فما هي إلا تعاليم فارغة…جاءت لتذل عرقنا الملكي…"
مند ذلك اليوم فرطت النمل في أداء عمل السنة…ولم ينبت الحقل الذهبي…خرج الناس وتجمعوا أمام قصر الملك الإله…يصيحون " أيها الرب والسيد أنجدنا…" نظر الملك إلي وزيره وقال " لست أذري ما الذي حدث للحقل المقدس…لقد كان ينبت كل عام…" رد الوزير " إنها التعاليم سيدي…وقد حذرتك لقد أضعنا التعاليم…" صاح الملك ساخطا " ليست هناك تعاليم أيها الوزير إلا التي أسنها أنا…أنا وحدي أسن التعاليم…" …بعد عام أغار السكان على قصر الملك وأعدموه ونهبوا ثروته…وبقى سكان المملكة خمسة أعوام بقتاتون على الثعابين والعقارب والسحليات…
أما النمل فقد سقطت السنبلة الضخمة…واضطروا إلى البحث عن البدور تحت الأرض ليفقدوا لونهم الذهبي ويعتلي السواد أجسادهم…ومند ذلك اليوم حكم على الإنسان أن يزرع القمح بيده ليأكل …وعلى النمل أن تعمل كل العام وتستريح يوما واحدا لتضمن قوتها…

amir

المساهمات : 64
تاريخ التسجيل : 08/06/2008
العمر : 40

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى